إحرشان: الحكومة ليس إلا أداة طيّعة وليس لها من الأمر شيء
قال عمر إحرشان، بشأن الزيادة في أسعار المحروقات التي تم الإعلان عنها خلال الأسبوع الفائت من قبل الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، بأنه قرار “جاء في سياق سلسلة من التراجعات المتتالية للحكومة، بدءا بالتنازل عن كثير من حقوقها الدستورية، سواء أثناء إعداد الهندسة الحكومية أو تشكيلة أعضائها، ومرورا بالتباطؤ والتراجع في سن القوانين التنظيمية، ومرورا بإيجاد مبررات لتدخلات بوليسية ضد المواطنين، وخصوصا المعطلين.
واعتبر إحرشان في تصرح خاص لـ”هسبريس” بأن هذه القرارات هي “نتيجة طبيعية للارتباك وقلة التجربة وغياب برنامج حكومي دقيق بعيدا عن الوعود والتمنيات والحرص على تفادي مواجهة مع لوبيات الفساد، ولكن ما ليس طبيعيا هو السرعة التي تحدث بها هذه التراجعات”.
وأضاف عمر إحرشان، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، كون قرار الزيادة الأخير يؤكد مرة أخرى أن الحكومة تختار دائما الحلول السهلة عوض استفراغ الجهد لإيجاد حلول إبداعية تواجه بها تداعيات الأزمة الاقتصادية، ويؤكد أن هذه الحكومة تفتقر لبعد النظر لأن توقيت الزيادة وحجمها والطريقة التي اعتمدت لتنزيلها تفتقر لأدنى المعايير السياسية، وكأننا أمام حكومة تقنوقراط لا تلقي بالا للظروف السياسية للبلاد وتداعيات هذه القرارات على شرائح واسعة من الشعب، وإن هذا القرار يؤكد كذلك أن العديد من وزراء الحكومة تأقلموا مع المناصب الجديدة وصاروا يتحدثون بلغة الخشب التي ألفناها من المسؤولين، من قبيل أن هذه الزيادات لن تشمل المواد الغذائية والنقل وأننا سنرفق الزيادة بإجراءات مواكبة للحد من تداعيات هذا القرار وسوف نعمل كذا وكذا.
وأضاف أن ما يحدث للحكومة منذ تنصيبها دليل آخر على أن “الحكم في المغرب ما يزال في أيادي غير واضحة وغير مسؤولة وهي التي تمسك بزمام الأمور، بما فيها المعلومات والأرقام الحقيقية والدراسات، والحكومة لا يتعدى دورها التصديق والتنفيذ وتحمل تبعات وكلفة هذه القرارات”. متسائلا في ذات السياق “كيف يعقل أن تمر كل هذه المدة والحكومة ما تزال مترددة في إصلاح صندوق المقاصة رغم وجود دراسات معدة سلفا بهذا الخصوص؟ وكيف تلجأ الحكومة إلى الحل الأسهل وقد كانت أمامها حلول كثيرة لتأمين الخصاص المتوقع حصوله، من قبيل إقرار الضريبة التصاعدية والحد من الأجور والتعويضات المرتفعة من أجل تحمل عادل للأعباء ومن قبيل استرجاع جزء من الأموال المنهوبة والضائعة؟ وكيف تلجأ إلى أسلوب الانفراد لاتخاذ القرار وهي التي وعدت بإشراك كل المعنيين في القرارات التي تخصهم؟ وكيف تتخذ هذا القرار ولم تضع جدولة زمنية لإجراءات مواكبة وعدت بها منذ مدة؟”.
وأبدى إحرشان خشيته بأن تصبح لدى بعض وزراء الحكومة “ثقة زائدة وبعدا عن ظروف حياة المواطنين اليومية وجرأة على الفئات الضعيفة مقابل استسلام لمطالب فئات متنفذة، ويخشى أن تتحقق الفرضيات التي طالما عبر عنها جل المحللين بعيد ظهور نتائج الانتخابات، وهي أن هذه الحكومة جيء بها لمهمة واحدة وهي عبور مرحلة الربيع العربي وإسكات صوت الشارع، وأهم منزلق هو أن تصبح الحكومة يدا طيعة في يد المخزن المتمنع عن الإصلاح والرافض لتغيير حقيقي ينقل السلطة إلى الشعب ويجعل كل ثروات البلاد في يد الشعب” مردفا في نفس التصريح الخاص لـ”هسبريس” كون هذه القرارات “تسرع من استهلاك الرصيد الشعبي للحكومة بسبب التبريرات الواهية والجرأة في اختلاق هذه المبررات والدفاع عن هذه القرارات وتجاهل تبعاتها، والخوف أن تلجأ الحكومة إلى نعث كل من يعارض هذه القرارات بجيوب مقاومة التغيير والمستهدفين لها”.
وخلُص الباحث في الاقتصاد والمالية بأن طريقة عمل الحكومة وقراراتها “تؤكد أن البلاد ما تزال في حاجة إلى قوة احتجاجية ضاغطة وحية ومتكتلة لحماية الفئات الشعبية وحراسة ثروات البلاد التي تستنزف يوميا بدون رقيب لأن الحكومة تحمي، للأسف، مصالح فئة حاكمة ومتحكمة”. وأول خطوة، برأي إحرشان، هي “لم الشتات وتوحيد الجهود واليقظة العامة ومعارضة المتحكم الحقيقي والمهندس الخفي لهذه القرارات لأن الحكومة ليس إلا أداة طيعة وليس لها من الأمر شيء. وقد تكون هذه القرارات جزءا من خطة معدة لإسقاط حكومة أكملت مهمتها وحان الوقت لسيناريو جديد، قد يكون حكومة جديدة أو تعديلا حكوميا جديدا أو شيئا آخر ستبرزه الأيام القادمة”.