الفتاحي: المغرب مُطالب بالحوار مع “انفصاليي الداخل”
راجت أخبار في الأيام القليلة الماضية تفيد بأن وزير الخارجية والتعاون الدكتور سعد الدين العثماني يعتزم الالتقاء مع “انفصاليي الداخل” الذين يؤيدون أطروحة جبهة البوليساريو، وذلك من أجل إجراء حوارات مباشرة معهم، ومن ضمنهم الناشطة الصحراوية المعروفة أميناتو حيدر.
وللتعليق على هذه الخطوة السياسية الجديدة، قال عبد الفتاح الفاتحي الباحث المتخصص في قضايا الصحراء إن اعتماد الدبلوماسية المغربية لإستراتيجية جديدة لتدبير قضية انفصاليي الداخل بات أمرا مطلوبا، لاسيما غداة التطورات الأخيرة التي تعرفها قضية الصحراء، مشيرا إلى أن الحاجة ملحة لتحجيم تأثيرات الورقة الحقوقية على الموقف التفاوضي المغربي في ظل استمرار البوليساريو في تأطير العديد من انفصاليي الداخل لتأجيج الأوضاع داخل الأقاليم الجنوبية.
لا حرج في الحوار
وشدد الفاتحي، في حيث مع هسبريس، على أنه “لا حرج في أن يتحاور المغرب مع أبنائه كيفما كانت مواقفهم واتجاهاتهم، في أفق تحجيم الصوت الانفصالي، بدل أن تستقطبه البوليساريو والجزائر لدواعي سياسية، الغاية منها التشجيع على العنف في الصحراء، تجسيدا لمشروع البوليساريو لما تسميه الربيع الصحراوي، أو تنفيذا لما تدعيه بأنها “انتفاضات شعبية من أجل الاستقلال”.
ولفت المتحدث إلى كون الضغط الذي يعانيه المغرب من خلال الورقة الحقوقية في الأقاليم الجنوبية صارت له تهديدات خطيرة على السيادة المغربية، مردفا بأن هذا الضغط يزداد بفعل بعض الأصوات الانفصالية التي تلقى التأييد من البوليساريو والجزائر، وعدد من الجهات الخارجية منظمات حكومية أو غير حكومية.
وزاد الخبير بالقول إن الواقع اليوم يفرض علينا تجاوز سياسة التجاهل السابقة، والاستمرار بقناعة كل الصحراويين وحدويين على إطلاقيتها، وأن شيوخ القبائل لا يزال بإمكانهم ضبط اتجاهات ساكنة الأقاليم الجنوبية وتمثيلهم، لأن في ذلك تضليل لسياستنا الداخلية والخارجية تجاه قضية الصحراء.
وأشار الفاتحي إلى أنه في هذا الوقت تأتَّى فيه للبوليساريو استقطاب الكثير من انفصاليي الداخل، وضمنت لهم تمثيلية داخل أجهزتها التنظيمية، حيث تستقبلهم بانتظام في دورات تأطيرية لتكثيف أنشطتهم السياسية داخل الأقاليم الجنوبية”.
وأمام هذه الحقيقة، يُكمل الفاتحي، فإن الأمر كان يستدعي من المغرب منذ سنوات أن يحتوي هؤلاء المواطنين باختلاف مواقفهم واتجاهاتهم، وقبل الوقوع في مطب “أميناتو حيدر” و “مجموعة محمد سالم التامك”، وما ترتب عن ذلك من تسويد الصورة الحقوقية للمغرب لدى المنظمات الدولية.
الورقة الحقوقية
واعتبر الفاتحي بأن واقع الإصلاحات السياسية بالمغرب، ودسترة الجهوية والثقافة الحسانية، وكذا بعد خروج وزارة الخارجية عما كان يطلق عليه “وزارات السيادة”، كانت له الكثير من التداعيات لطرح مقاربات جديدة لتدبير ملف النزاع في الصحراء، في وقت لم يكن ذلك ممكنا بالنسبة للوزارة التقليدية نظرا لارتباطها المؤسسة الملكية، والتي كانت ترى في حوار انفصاليي الداخل تنازلا عن الوحدة الترابية..
وتابع المتحدث بأن الدبلوماسية المغربية تفرض عليها الظروف البحث عن وسائل جديدة للتعامل مع ملف الصحراء، خاصة الاستماع إلى انفصاليي الداخل، في أفق ترتيب البيت الداخلي للمجلس الملكي الاستشاري لشؤون الصحراويين (الكوركاس) المتوقف عن العمل، وهو أحد أهم نقط الخلاف بين القبائل الصحراوية.
واقترح الفاتحي آليات للاشتغال من أجل فك شفرة الورقة الحقوقية؛ استباقا لأي موقف أممي يسير في اتجاه توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، وذلك عبر إيجاد سبل حل وطني عبر مؤسسات المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط، فضلا عن حتمية تفعيل “الكوركاس” وفق مقاربة تشاركية تقييم العضوية على أساس الفعالية لا “الترضية”، وتوفير آليات العدالة والتوزيع العادل والمتساوي للثروة فيما بين أبناء الصحراء، بعيدا عن سياسات الريع التقليدية.