نعمان لحلو: “الأولى” باعت أولادها .. وإدارتها مليئة بـ”الفساد”

 

نعمان لحلو: “الأولى” باعت أولادها .. وإدارتها مليئة بـ”الفساد”

غنى لشفشاون ولتافيلالت ولمراكش وللمدينة القديمة..وتغنى بعَبَق التاريخ وبتراث المملكة المغربية ..أَحَب بلاده وزينها واعتبر عشق المغرب فوق أي عشق..مؤكدا على أن “المغالاة في الحب قد تُخرِج الإنسان إلى حافة التعصب”، ومؤمنا بأن” حب بلاده ينبغي أن يكون في إطار حبه للعالم وللإنسانية”…

هو فنان مبدع ومجدد.. هو المطرب والملحن والمؤلف والموسيقي والمحاضر في آن..هو نعمان لحلو الذي يعتبر أن ما وصل إليه نتيجة لتوليفة من التكوين الأكاديمي والبحث العلمي وتأثير محيطه الأسري..

نعمان أكد أن 70 بالمئة من أعماله موجهة للأطفال وللجيل الجديد حتى يتعرفوا على شخصيات وأحداث بارزة في تاريخ المغرب، وحتى يتملكوا فضول البحث عن “السيدة الحرة” و”مولاي علي بن راشد”.. فهو “يغني ويبدع لأغراض فنية وإنسانية محضة بعيدا عن أي مصلحة ذاتية”.

صاحب “إقلب رمادك” فنان يصبو إلى الحكمة أكثر من أي شيء ثان، ويؤمن أن “الوصول إلى باب الحكمة وصول إلى طريق لا تنتهي من البحث عن أشياء في دواخل الإنسان بحثا عن السعادة”.

نعمان لحلو اعترف، أنه إنسان “بيتوتي” لا يحب الضجيج، دائم الإبتعاد عن الأماكن الصاخبة إلى القرى والبوادي حال سفره… وهو الذي يفرحه ويخيفه النجاح في آن، ويعتبر أن الفنان ليس مَحض صدفة بل يلزمه الكثير حتى يُخَلد اسمه في التاريخ…

ما كان انطباعاك وأنت أول فنان مغربي يدخل البيت الأبيض؟

أحسست أنني في مكان يؤخذ فيه القرار ويحكم العالم، ولكني عند دخول القصر الملكي بداية رمضان تلبية لدعوة الملك محمد السادس، كان إحساسا أجمل في مكان مليئ بالبروتوكولات وبالتقاليد المغربية الجميلة..فأنا لم أعط زيارة البيت الأبيض أهمية أكبر مما تستحق..

وجهت رسالة لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما، بماذا طالبتموه من خلالها؟

نعم، ضمن الرسالة طالبت أوباما بأن يتدخل لصالح الأطفال المحتجزين بمخيمات تندوف إضافة إلى أحد الفنانين المحتجزين هناك أيضا، والذين يتعرضون للتعذيب الجسدي والنفسي. كما طلبت من الرئيس أن يدعم قضية الوحدة الوطنية للمملكة..

هل توصلت بجواب من الرئاسة الأمريكية على طلبكم هذا؟

توصلت بجواب من مدير مكتب أوباما حيث أُعلمت أن الأخير توصل برسالتي. كما أنه شكرني على زيارتي لأمريكا وأنه سينظر في الموضوع.. وأعتقد أن رسالتي تم تقبلها بصدق.

على ذكر قضية الصحراء المغربية، فهل غنى الفنان نعمان لحلو للقضية الوطنية الأولى للمغرب؟

غنيت للصحراء المغربية، عبر أغنية “صوت الضمير” سنة 1999، نجسد عبرها قصة واقعية لما عاشه الصحفي والكاتب محمد أحمد باهي الذي كان محتجزا لدى البوليساريو طيلة عشر سنوات، وقمت بتحويل القصة إلى أغنية وهو يعلم ذلك . كما أنه أهداني كتابه الأخير وأشار إلي وشكرني في صفحة كاملة..وأثناء تصويرنا للأغنية كنا سنتعرض لعملية اختطاف أنا وطاقم التصوير إلى الرابوني، حيث ابتدأ التصوير بالمسيد بمحاذاة العيون ثم بعد ذلك على مقربة من الحدود الجزائرية قرب تندوف..

طيب، لكن المغاربة لا يعرفون شيئا عن هذه الأغنية الوطنية؟

صراحة، اختلطت علي الأمور بهذا الخصوص، فلما انتهيت من الاشتغال على الكليب لم يتم بثه على القنوات الوطنية، ما عدا مرة أو مرتين ثم بعد ذلك توقفوا عن عرضه نهائيا. إضافة إلى أغنية أخرى عن القضية الفلسطينية التي لاقت نفس مصير سابقتها.. وأنا الآن أتساءل عن نوع التوجه الذي نسلكه؟ حتى أني أصبحت أشك في توجهاتنا تجاه مثل هذه القضايا، أ نحن مع أو ضد؟ قنواتنا الوطنية تملك “الكليبين” لكنها لا تقوم بالبث!….

ألا ترى أن الفنانين والمنتجين المغاربة مُقَصرون في إبداعاتهم تجاه قضية الصحراء المغربية؟

في اعتقادي أن الكثير من الفنانين المغاربة وخصوصا فناني الراي والهيب هوب كالفناير وآش كاين، إضافة إلى نعمان ومحمد رضا ولطيفة رأفت ونعيمة سميح غنوا للقضية، إلا أن وتيرة البث الإذاعي والتلفزي تبتعد عن كل ما هو وطني، وكمثال على ذلك فالمسؤولون بالقناة الوطنية الأولى يقولون أنه ” بأمر من صاحب الجلالة” يمنع غناء أو بث هذا النوع من الأغاني..وأنا لا أعلم إن كانوا صادقين فيما يَدعون.

أنا أعتبر أن قناة “الأولى” باعت أولادها ورفضتهم ولا أخفيك أن أبناءها كذلك أصبحوا يرفضونها ما دامت إدارتها لم تتغير، وأنا من المطالبين بتغيير إدارة “الأولى” بأقصى سرعة لأنها مليئة بالفساد، ولايشرفنا كفنانين التعامل معها رغم أنها “دارنا” ونعتز بها. لكن في ظل هذه الإدارة لا يشرفنا التعامل معها وننتظر بفارغ الصبر أن تتغير.. وأنا طالبت الميداوي في آخر لقاء لي معه أن يقوم المجلس الأعلى للحسابات بالدخول إلى وكر “الأولى” للكشف عن الفساد الكامن فيها….وعموما يمكنني القول بأن التقصير يوجد في الإعلام والإنتاج، أما المغاربة فيحبون بلدهم عبر التاريخ.

من يلحن أغانيك ويكتب كلماتها؟

ألحان أغنياتي هي دائما من إبداعي، لأني ملحن قبل أن أكون مطربا، ولا أغني إلا إذا أحسست أن الموضوع يتلاءم مع شخصيتي.. وبالنسبة للكلمات ففي عشر سنوات الأخيرة، 70 بالمئة منها أقوم بكتابتها. في المغرب لدينا مشكل الكتابة وهي إشكالية كبرى لا تعرفها فقط الأغنية بل حتى الدراما والسيناريو.. وقد تعاملت مع كبار الشعراء كالطيب لعلج وسمحمد الصقلي الذي كتب لي “بلادي يا زين البلدان” ثم “مراكش يا بهجة ليام”.. فالأغنية لها مقومات أخرى تختلف عن الزجل وعن القصيدة.

غنيت لـ “الما”، حدثنا عن الأغنية إضافة إلى الكليب؟

أعلم أن الأغنية سلاح قوي يدخل إلى البيوت، فقررت تمرير رسالة الحفاظ على الماء من خلال أغنية “الما”، حيث تلقيت وعودا كثيرة من طرف جهات معينة ليعينوني على إنتاجها وتصوير الكليب ومنهم وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، وكلها أصبحت سرابا لما حان وقت العمل.

بالنسبة للأغنية فأنا من كتبها ولحنها .. وصورنا الكليب بين هوارة وأرفود ومدينة بورنيو بشمال ماليزيا..واعتقد أن الكليب وصل إلى جميع المدارس، حتى خلال زيارتي الأخيرة لأمريكا ولأحد مراكز الأطفال وجدت الأغنية تعرض، وأعتقد أن الأغنية وصلت ونجحت.. فأنا لا أغني إلا ما أحسه، وما يحسه العالم كذلك، فهو موضوع عالمي ومهم..وعموما العمل الفني الهادف والواعي يؤثر فينا ويدخل بيوتنا بدون استئذان..حيث توجت سفيرا للبيئة من خلال أغنيتي هاته لسنة 2012 وهذا شيء يشرفني.

طيب، ما علاقتك بـ”رحمة” وما قصتها ؟

رحمة هو إسم مستعار لطفلة لها من العمر خمس سنوات تقطن بالدار البيضاء وتدعى خولة، ودائما تأتيني إلى البيت وتزورني هي ووالدها، كما أني أتابع دراستها وأسأل عنها مدرسيها وعلاقتنا طيبة، وأخبركم أنها شفيت تماما وتمتلك حبا كبيرا للحياة، فهي من صورت بمعيتي كليب أغنية “رحمة” وهي بطلته..في ذاك الكليب 46 طفلا مصابا بالسرطان وظهر في الكليب عدد كبير من الفنانين والممثلين والمبدعين والرياضيين..

نريد التوقف قليلا عند أغنية “إقلب رمادك”..ما سر نجاح الأغنية؟

قوة أغنية إقلب رمادك منبثقة من قوة من كتبها، وهي للشاعر الكبير وزير الثقافة والإعلام السعودي عبد العزيز محيي الدين خوجة، ..وهي خليط من أحاسيس ومن تجارب ومن نجاحات وإخفاقات، عشتها في حياتي..ولا زلت…وهي من أعز الأغاني إلى قلبي.. وحتى لحنها مزيج من الألحان العالمية والمغربية والشرقية..

ما جديد مفاجآتك للجمهور؟

أنا دائما في عمل دؤوب، انتهيت للتو من أغنية من كلماتي وألحاني برفقة الشاب لامين، وتتغنى بمرور خمسين عاما لاستقلال الجزائر، ذلك لأن المغاربة شاركوا الجزائريين في حرب التحرير أردت بهذه الأغنية الحضور في احتفالات الشعب الجزائري، وأحضر أغنيات لفنانات منهم كريمة الصقلي، كما أني بصدد تحضير ألبوم يتكلم عن المدن المغربية.. فالنشاط مستمر وأنا لا أقف عن العمل…إلا أن المشكل كل المشكل في الإنتاج، وأنتظر إلى حين توفر الموارد المالية حتى أستطيع دخول الأستوديو..فالدولة لا تعطي الفنان حق الشغل أو التوظيف..أنا أحب بلدي وسأظل أحبها “بلا جميل”، بينما ملايين الدولارات تمر من أمامنا ويستفيد منها الأجانب فقط في وقت لا يشتغل الفنانون المغاربة..

هل أنت مطمئن ومتفائل إلى واقع الفن بالمغرب؟

صراحة أنا غير مطمئن، وأفكر جديا بالابتعاد..ولا أخفيكم القول أنني سأرفض دخول أبنائي الميدان الموسيقي إن أرادوا ذلك..

غنيت “أسعادة الوزير”، موجها رسائل عدة.. فماذا تريد أن تقوله لحكومة بنكيران،؟

أنا أحس أن حكومة بنكيران قريبة مني، وأنا معهم في عدة قرارات اتخذوها، إلا أن المغاربة لا زالوا ينتظرون أمورا أكثر واقعية وقوة.

شخصيا أحب هذه الحكومة رغم المشاكل كلها، لأنها قريبة من الناس وأعتقد أن لا لصوص فيها ..جاؤوا في مرحلة صعبة وبفضلهم وبفضل الملك محمد السادس تجنب المغرب حدوث الكارثة..أدعوهم إلى التفكير في الشباب وفي تشغيلهم..فإذا أعطينا الفرصة لأبنائنا في جميع الميادين سيحسون بالثقة في النفس وسيبدعون أكثر ..

 

Comments are closed.