الصديقي: الاتهامات المُتبادَلة بين المغرب والبوليساريو “لعب بالنار”..
قال الدكتور سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة فاس، إن ما يجري حاليا من حرب مفتوحة للإشاعات وتهم متبادلة بين المغرب وجبهة البوليساريو حول دعم عمليات الاختطاف وتهريب المخدرات وغيرها، تعد جبهة جديدة من الصراع يهدف من خلالها كل طرف تصوير الآخر لدى المجموعة الدولية بكونه المسئول عن الانفلات الأمني في بعض الأجزاء من منطقة الساحل والصحراء.
ولفت الصديقي، بأنه ينبغي التعامل مع تقارير بعض المؤسسات الدولية، التي تحمل مسؤولية عدم الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء لهذا الطرف أو ذاك، بحذر شديد وعدم التسرع في الاستناد إليها في تحليل الوضع القائم”.
والسبب، بحسب الصديقي، أنها لا تقدم في أغلب الأحيان معطيات موثوقة؛ مما يجعل هذه التقارير مجرد تخمينات ليس إلا، كما أن بعض هذه المراكز مشكوك في مصداقيتها وتقاريرها مدفوعة الثمن مسبقا، وأغلبها عبارة عن مقالات صحفية تستغلها الأطراف المتنازعة، وتحاول أن توهم الرأي العام كأنها حقائق لا يطالها الشك.
وزاد الخبير في العلاقات الدولية بأن العالم أصبح مفتوحا، والمتتبعون، لاسيما المتخصصون منهم، يستطيعون أن يتحققوا بسهولة من مصداقية مثل هذه التقارير، لذلك فإن الترويج لمثل هذه الأخبار يسيء لمروجها أكثر مما يعزز موقفه دوليا.
وشدد الصديقي، في تصريحاته ذاتها للموقع، على أن الدفاع عن القضايا العادلة والمصيرية لا يكون بأساليب الإشاعة المكشوفة والدعاية الرخيصة المدفوعة الأجر، بل بخطاب سياسي وقانوني متين ومقنع وذي مصداقية.
وتابع المتحدث بأن الإرهاب والانفلات الأمني في منطقة الساحل والصحراء وما يحدث اليوم في شمال مالي، كل هذه الأحداث تحاول الأطراف المتنازعة حول الصحراء (المغرب والجزائر والبوليساريو) توظيفها لخدمة تصوراتها، وإلقاء المسؤولة بشأنها على الخصم الآخر، لكن ما لا تدركه كل هذه الأطراف أنهم يلعبون بالنار من خلال استعمال هذه الورقة التي يمكن أن ينقلب فيها السحر على الساحر في أية لحظة.
واسترسل بأن من بين ما اعتمدت عليه البوليساريو لاتهام المغرب كونه أكبر منتح لمادة القنب الهندي، والحقيقة أن منطقة الساحل والصحراء هي منطقة عبور لأنواع أخرى من المخدرات، مثل الكوكايين الذي يأتي من أمريكا الجنوبية والهرويين الذي مصدره آسيا والتي يتم تحويلها بعد ذلك إلى أوربا عبر مسارات متنوعة، خاصة عبر دول شمال إفريقيا وجزر الكناري، مشيرا إلى أن القنب الهندي المغربي فإنه يحول مباشرة إلى أوربا ولا يحتاج للمرور عبر منطقة الساحل والصحراء.
وفند الصديقي تهم البوليساريو بالقول إن تهريب المخدرات وتجارتها موجودة في العالم كله، كما أن الأجهزة الأمنية في مختلف الدول متورطة في هذا النشاط غير المشروع، وقد أصبحت منطقة الساحل والصحراء من الطرق الجديدة لتهريب المخدرات، وقد يتورط بعض الأفراد والأجهزة الأمنية من هذا الطرف أو ذاك في هذا النشاط القذر، لكن إمكانية الاحتضان الرسمي لمثل هذه التجارة يحتاج إلى تدقيق، ولا يمكن أن تلقى التهم جزافا بناء على تقارير مشكوك في صدقيتها.
أما في ما يتعلق بتهمة ما يسمى بالإرهاب، يردف الصديقي، والتي أشار إليها بيان جبهة البوليساريو، فإن أنشطة الجماعات المسلحة في منطقة الساحل والصحراء لا علاقة لها بقضية الصحراء، بل لها علاقة بالأجندة الخفية لمخابرات الدول الكبرى بتواطؤ مع بعض دول المنطقة لأهداف لا زالت مجهولة حتى الآن”، يقول الصديقي.
واستطرد المحلل بأن منطقة الساحل والصحراء أصبحت ميدانا واسعا للعبة المخابرات العالمية والمحلية، لافتا إلى أن “ما يحدث فيها يتحرك اليوم خارج سيطرة السياسيين، لأن أجهزة المخابرات هي التي تفعل فعلها هناك، أما السياسيون فإنهم يلاحقون الأحداث فقط وليسوا هم الفاعلين الأساسيين”.
وجدير بالذكر أن جبهة البوليساريو الانفصالية كانت قد اتهمت أخيرا المغرب بـ”الإرهاب” والمساهمة في ترويج المخدرات وتدفقها في منطقة شمال غربي إفريقيا. وذكرت في بيان نشرته ما تُسمى “وكالة الأنباء الصحراوية”، أمس السبت، بأن مظاهر عدم الاستقرار وتنامي أنشطة الإرهاب والجريمة المنظمة في منطقة شمال غرب إفريقيا تكمن في “استمرار إرهاب الدولة المغربية”، و”تشجيعها لتهريب المخدرات من خلال تدفقها وتسريبها إلى المنطقة بتواطؤ مكشوف من مخابرات المملكة المغربية”، وفق تعبير الذراع الإعلامي للجبهة.