مؤشرات اقتصادية مقلقة بالمغرب والحكومة تتحرك
تطلق، هذه الأيام، في المغرب تحذيرات متتالية حول الوضعية المقلقة التي يمر بها الاقتصاد الوطني.
وتأتي هذه التحذيرات في وقت يتهاوى فيه احتياطي العملة الصعبة بشكل يقض مضجع الحكومة، التي لجأت لمواجهة مخاطر هذا التراجع إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات، منها توفير 11 مليار درهم عن طريق القروض والمنح من المؤسسات الدولية، وإصدار قروض سندات بقيمة مليار دولار، بالإضافة إلى التوجه نحو دول الخليج للبحث عن آليات تمويل”، حسب ما أكده نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية. ولم تعد هذه الاحتياطات تغطي سوى واردات ثلاثة أشهر فقط.
ومنح صندوق النقد الدولي المغرب “خط الوقاية والسيولة” بقيمة تعادل 700 في المائة من حصته في الصندوق، وهي 6.2 مليار دولار يمكن استعمالها خلال مدة سنتين.
وقال الدكتور رضوان زهرو، خبير اقتصادي، إن “تغطية الموجودات الخارجية تراجعت، إذ انتقلت من 166.7مليار درهم في كانون الأول/ ديسمبر الماضي إلى 163.8 في آب/ أغسطس الجاري”، مبرزا أن “القيمة المالية للتراجع بلغت 30 مليار درهم”.
المغرب تواجه مخاطر إقتصادية
وأرجع رضوان زهرو هذا الانخفاض إلى مجموعة من الأسباب، على رأسها عجز الميزان التجاري، الذي من المفترض أن تجري تغطيته بواسطة مداخيل السياحة، وعائدات المهاجرين المغاربة في الخارج، وصافي الاستثمارات الأجنبية”.
وأوضح أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بالمحمدية، في تصريح لـ “إيلاف”، أن هذا العجز يرافقه تسجيل، في الأشهر القليلة الماضية، ارتفاع كبير في أسعار المواد النفطية، والمواد الأساسية، وعلى رأسها القمح”، الذي أكدت الحكومة أنها لن تلجأ لشرائه من السوق العالمية، قبل بيع معظم المحصول المحلي”.
وأكد رضوان زهرو على اتخاذ خطوات مستعجلة تمكن، على الأقل، من الحفاظ على هذا المستوى، وعدم السير في تجاه انخفاض أكبر للموجودات الخارجية”.
واقترح الخبير المغربي بعض الإجراءات للتخفيف من حدة هذه الوضعية الصعبة، منها رفع الصادرات وتخفيض الواردات عن طريق تحسين التنافسية للمقاولة المصدرة، وتنويع الشركاء، خاصة في ظل الأزمة الخانقة التي تمر منها دول الاتحاد الأوروبي، والإقبال على المنتوج المحلي من قبل المقاولات الوطنية والأجنبية، ومراقبة الواردات، بالإضافة إلى مراجعات اتفاقيات التبادل الحر في إطار يخدم مصالح المغرب،.
كما اقترح ضرورة تعامل السلطات العمومية مع الاستثمار الأجنبي، ووضع مدونة حسن السلوك خاصة في ما يتعلق بالجانب المالي، ومراقبة مصير الأموال المتحصلة من أرباح الشركات الأجنبية بالمغرب لسد الطريق أمام محاولات تهريبها، وسيادة مناخ الثقة..
من جهته، قال عبد السلام أديب، محلل اقتصادي، إن “الطلب الأوروبي على الواردات تراجع بسبب الأزمة المالية “، مبرزا أن “هذا ينعكس على الصادرات بالمغرب، الذي وصل فيه عجز الميزان التجاري إلى مستوى غير مسبوق”.
وذكر أن عبد السلام أديب أن “هذا الوضع يشكل خطرا على الاقتصاد الوطني، لكون أن المغرب لديه مديونية خارجية كبيرة ومرتفعة”.
وأوضح أن “هذه المديونة ارتفعت إلى 20 في المائة في عهد وزير المالية السابق صلاح الدين مزوار”، مضيفا أن “الحكومة لجأت إلى صندوق النقد الدولي كخطوة احتياطية، علما أنها لم تقم بمثل هذا الإجراء منذ سنة 1993”.
وكان البنك المركزي المغربي عبر، في تقريره السنوي، عن قلقه من تدهور المالية العمومية وارتفاع عجز الميزانية بشكل كبير، إذ وصل إلى 6.2 في المائة خلال عام 2011.