مرسي والثورة يحصدان أخطاء مبارك في إهمال سيناء خلال 30 سنة
على مدى الثلاثين عاماً الماضية يمكن القول إن رئيس النظام السابق كان جلّ اهتمامه في سيناء فقط هو تحويل مدينة شرم الشيخ إلى منتجع خاص به، وجعل إقامته الدائمة في هذه المدينة، خاصة في السنوات العشر الأخيرة، لدرجة أن البعض كان يتندر بالقول إن هناك عاصمتين، الأولى القاهرة، ويتولى شؤونها الابن الوريث سابقًا، والثانية شرم الشيخ، ويتولاها الرئيس الأب بعيدًا عن صخب الحياة السياسية وضجيجها في القاهرة.
كان من المستغرب أن يرفض الرئيس السابق مشروعًا كبيرًا لربط مصر بالسعودية عن طريق جسر بينهما بعد شرم الشيخ، وعلى الرغم من أن مصر كانت لن تتحمل أي أعباء، لكنه رفض، رغم أن الجسر الذي كان ستتمخض عنه نتائج اقتصادية وسياسية وثقافية ودينية طيبة للغاية للجانبين وللعرب جميعًا، لكنه رأى أنه سيقضّ مضجعه في منتجعه شرم الشيخ، وربما لأسباب أخرى، مراعاة للجارة إسرائيل.
إضافة إلى أن الحكومات المصرية المتوالية لم تضعها على قمة أولوياتها بالقدر المناسب لأهميتها الإستراتيجية والمستقبلية والحيوية لمصر وشعبها، لكن القطاع الخاص استطاع البدء في مشروعات تنموية، مثل إقامة مشروعات سياحية ومصانع الأسمنت وغيرها، إلى جانب إقامة جامعة خاصة في العريش.
وعلى الرغم من أن مساحة أرض الفيروز الشاسعة وما تضمه من كنوز وثروات معدنية لم تستغل الاستغلال الأمثل، فبقي الأمر على ما هو عليه بلا خطط تنموية زراعية أو إقامة مجتمعات عمرانية جديدة، فأصبحت الفرصة مؤاتية لأي عناصر إرهابية أو متطرفة خلال الثلاثين سنة الماضية من حكم الرئيس السابق.
تراكمت سنوات الإهمال لسيناء أرضًا وشعبًا، وصنعت حواجز وعوائق لأبناء سيناء، تحول دون تواصلهم وتقاربهم وانتمائهم إلى وطنهم مصر، ونتيجة لسنوات الإهمال لسيناء، كانت هناك استحقاقات ومصالح لأطراف إقليمية ودولية تريد النيل من مصر واستقرارها وأمنها وأمانها واقتصادها، وجاء الحدث الأبرز للاعتداء الغادر والخسيس على جنود يحرسون حدود وطنهم، وكانوا يستعدون لتناول طعام الإفطار، وفوجئوا بالأيدي الآثمة، تفتح عليهم النيران، ليسقطوا شهداء أحياء عند ربهم يرزقون بما أتاهم الله من فضله.
في هذا التحقيق نطرح سؤالنا الرئيس وهو: هل أحداث سيناء الأخيرة هي بداية الحصاد المر لعهد الرئيس السابق؟، وما يستتبع من نتائج في كل المجالات؟، وهل التدابير التي تقوم بها القوات المسلحة المصرية حاليًا بمشاركة قوات الأمن كفيلة بالتعرّف إلى بؤر الإرهاب وكشفها والقضاء عليها؟، وما السبيل لعدم تكرار مثل هذه الأحداث مرة أخرى؟، وهل إتفاقية كامب دايفيد في حاجة إلى تعديل في نصوصها الخاصة بسيناء.
هذه التساؤلات وغيرها طرحتها “إيلاف” على بعض الخبراء والمتخصصين والناشطين. والسطور الآتية تحمل رؤاهم وقراءاتهم للأحداث الأخيرة في رفح المصرية.
منظومة تصدير الأزمات لمصر
في البداية رأى لواء. د علي حفظي.. قائد سلاح حرس الحدود السابق محافظ شمال سيناء السابق: أن هذه الأمور لا بد من تقويمها برؤية أوسع وأشمل للحدث نفسه، كما إنه يجب علينا – والكلام للواء حفظي – ألا نجعل الماضي والحاضر يجذبنا أو يستقطبنا أكثر، وإنما علينا أن ننظر للمستقبل بعمق، ولافتًا إلى أن مثل هذه الأحداث تنفّذ ضمن إطار منظومة من الأزمات، والتي يتم تصديرها إلى مصر، بهدف خدمة أطراف إقليمية ودولية من منظور مستقبلي لتحقيق مصالحهم ، غير أنه عاد وأكد على ضرورة تقويم الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية الناتجة من هذا الحدث.