فضل ليلة القدر وعلاماتها
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ أَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ ، مَا أَسْأَلُ رَبِّي ؟ قَالَ : تَقُولِينَ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي” الترمذي و ابن ماجة.
لقد اختص الله تبارك وتعالى هذه الأمة المحمدية على غيرها من الأمم بخصائص، وفضّلها على غيرها من الأمم بأن أرسل إليها الرسل، وأنزل لها الكتاب المبين كتاب الله العظيم، كلام رب العالمين في ليلة مباركة هي خير الليالي، ليلة اختصها الله عز وجل من بين الليالي، ليلة العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر.. ألا وهي ليلة القدر، مبينًا لنا إياها في سورتين، قال تعالى في سورة القدر: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 1-5].
وقال تعالى في سورة الدخان: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 3، 4].
سبب تسميتها بليلة القدر
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
أولاً: سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف، كما تقول: فلان ذو قدر عظيم، أي: ذو شرف.
ثانيًا: أنه يُقدَّر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه.
ثالثًا: وقيل لأن للعبادة فيها قدرًا عظيمًا؛ لقول النبي : “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه”[1].
علامات ليلة القدر
ذكر الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة:
العلامات المقارنة:
– قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيدًا عن الأنوار.
– الطمأنينة، أي طمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي.
– أن الرياح تكون فيها ساكنة، أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف، بل يكون الجو مناسبًا.
– أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم.
– أن الإنسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي.
العلامات اللاحقة:
أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب -رضي الله عنه- أنه قال: أخبرنا رسول الله : “أنها تطلع يومئذٍ لا شعاع لها”[2].
فضائل ليلة القدر
– أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1].
– أنها ليلة مباركة، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3].
– يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام، قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4].
– فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3].
– تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة، قال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: 4].
– ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر، وتكثر فيها السلامة من العذاب، ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها، فهي سلام كلها.. قال تعالى: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 5].
– فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل، قال : “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه”[3].