أنور: المرأة “الشعبية” تعاني.. ولا تراجع عن النضال
شددت نجاة أنور، رئيسة جمعية “ماتقيش ولدي”، على ضرورة الاهتمام بالمرأة الشعبية في الفئات الاجتماعية الفقيرة، باعتبار أن المرأة الشعبية تعاني أكثر من غيرها من أوضاع الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي في أفظع صوره.
ولم تُبد أنور، في هذا الحوار حول أدوار المرأة المغربية في ظل الحكومة الحالية، تراجعا عن مواصلة النضال والاحتجاج، بل إنها ترى أن الظرف يلزم ـ أكثر من أي وقت مضى ـ لمواصلة النضال وعدم التنازل عنه، فرب ضارة نافعة، بحسب أنور.
واعتبرت الناشطة النسائية أن النساء المغربيات هن أكثر شحنة وعزما في عدم التخلي عن المكتسبات التي حققنها، وبذلن في سبيلها الغالي والنفيس، لافتة إلى أن بنود الدستور الجديد تعد أهم داعم للحركة النسائية اليوم.
ماهي تصوراتكم فيما يخص آفاق المرأة المغربية في ظل الحكومة الحالية ” المحافظة”؟
الواقع يشهد على حاله، ولعل وجود امرأة واحدة ووحيدة فقط في تشكيلة الحكومة الحالية لخير دليل على الحيف الذي طال المرأة، حيث رجع بها سنينا إلى الوراء، وحط من حجم الأشواط المريرة والقاسية التي باشرتها في سبيل الحرية، وإقرار بنود المساواة مع أخيها الرجل.. خطوات جهيدة أخذت من جهدها ونضالها الشيء الكثير، وكابدت في سبيل تلك المعركة المرتبطة بكرامتها أساسا الكثير من الصعاب والعقبات، لتصل اليوم إلى الوضعية المهينة التي صارت تتبوأها في ظل الحكومة الحالية، التي خذلتها أيما خذلان وذهبت بطموحاتها وآفاقها أدراج الرياح.
الصدمة كانت قوية ولم يُحسب لها حساب، إذ خلفت تلك التمثيلية البئيسة حالة من الاستهجان والاستنكار لدى الرأي العام الوطني وحتى الدولي المتتبع للمشوار الديمقراطي ببلادنا، ولاسيما قضية المرأة.
هل ترجحون أن تكون ثمة احتمالات من وقوع تراجعات فيما يخص نضالات الحركة النسائية الديمقراطية؟
بالعكس تماما، فهذه المتغيرات كلها وردود الأفعال دافع أكبر يجعلنا نتحرك ونرفض الصمت السلبي، بل صار من الأرجح الرفض بشحنة وقوة أكبر من ذي قبل، فالمرأة المغربية اليوم باتت أكثر وعيا بقضيتها وحقوقها.
ولا أعتقد أن المرأة ستتنازل عن خيارها النضالي الذي ضحت من أجله، وقطعت فيه خطوات كبرى وحثيثة حتى تحقيق كافة الحقوق التي ظلت لعقود بل لقرون من الزمن مهضومة باسم العادات والتقاليد والأعراف وظلم القوانين الوضعية، بل كانت المرأة قد استطاعت تحقيق العديد من الخطوات الإيجابية التي سجلت تاريخها النضالي بمداد من الفخر والاعتزاز، استحقت عليها ثناء وإعجاب كل المتتبعين والمهتمين إلى حد أنها صارت قدوة على الصعيد العربي في تحقيق العديد من المنجزات النوعية .
أي آفاق يفتحها الدستور الجديد أمام المرأة المغربية لضمان حقوقها السياسية؟
لا يختلف اثنان في كون الدستور الجديد مكّن المرأة المغربي، من خلال مقتضياته، من العديد من المكتسبات، أولها إقراره بالمساواة بين الجنسين في الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، والتزام الدولة بالعمل على تحقيق المساواة بين الرجال والنساء ..وباختصار فإنني أرى أن الدستور الجديد استجاب لكل انتظارات الحركات النسائية بالمغرب.
ماهي مهمة الأحزاب اليسارية التقدمية الآن في الذَّوْد عن مكانة ومصير المرأة المغربية اليوم أكثر من أي وقت مضى؟
طبعا، لا يمكن الحديث عن مكانة ومصير المرأة المغربية دون ذكر التيارات التقدمية التي وضعت قضية المرأة المغربية في صلب اهتمامها، وأعتقد أنه على هذه الأحزاب والتيارات أن تكثف من جهودها في تأطير الحركات النسائية الشعبية، والاهتمام بالمرأة المكافحة “العاملة، الفلاحة، الطالبة، المعطلة..”، لأنهن من الشرائح النسائية الأكثر تظلما، وتستوجب سرعة الاهتمام والعناية والنظر بعين من الجدية لكل مشاكلها وتطلعاتها..
في نظركم.. هل الحركة النسائية اليوم مطالبة بتغيير أسلوبها واستراتيجية عملها النضالي؟
لكل مقام مقال.. هذا أكيد، ومادام الوضع بالمغرب عرف العديد من المتغيرات، فمن الضروري أن صيغة النضال والمواجهة ستختلف وتغير من أسلوبها، لكي يتماشى وراهنية الأحداث والمتغيرات، فأكيد أن الحركة النسائية هي أيضا مدعوة إلى تغيير أسلوبها وإستراتيجيتها في العمل النضالي وفق ما يتوافق وتطلعات المرأة المغربية حاليا وتحدياتها المستقبلية.
ماهي الواجهة أو الجبهة التي يتوجب على الحركة النسائية عموما طرقها أو خوض النضال فيها؟
يجب الاهتمام أساسا بالمرأة الشعبية، في مفهومها الواسع والعميق على مستوى الزمان والمكان، فالمرأة الشعبية هي التي تعاني الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي بأفظع صوره وتمثلاته، وكذا القاصرات.. وهذه مسألة مهمة فهن اللواتي يتم تزويجهن قسرا وغصبا ضدا عن رغبتهن، وحرمانهن من العديد من الحقوق التي تكفلها كل القوانين السماوية والوضعية.