نشطاء: المخزن تورط مع المستعمر في الضرب بالغازات الكيمَاويّة..
اختار مركز النكور من أجل الثقافة والحرية والديمقراطية، وهو الناشط بالحسيمة، تخليد الذكرى الـ91 لمعركة أنوال بندوتين للنقاش، ضمن برنامج ممتد على 3 أيّام، تساءلتا عن موقع يوميات حرب الريف بين الذاكرة والمسؤولية الأخلاقية والقانونية.
وقال أشرف بقاضي، ضمن كلمة افتتاحيّة ألقاها بصفته رئيسا للمركز، إنّ معاودة طرح النقاش بشأن استعمال الغازات السامّة بالمنطقة خلال حرب الريف “يبرز من جديد وسط ظرفية تشهد تغيرات سياسية وحقوقية وطنيا ودوليا.. أبرزها تناول الموضوع برلمانيا من طرف وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، وكذا الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير داخلية مدريد لموقع معركة أنوال”.
“مركز النكور يسعى إلى المساهمة في إثراء النقاش ضمن هذا الملف بمشاركة قانونيّين وحقوقيّين، بانفتاح على جمعويّين، وقوفا على ارتفاع معدّلات الوفاة بالريف بسبب أمراض سرطانيّة، وتكريسا لحجم القضية التي يختلط فيها السياسي بالقانوني والدبلوماسي” يردف بقاضي.
مداخلة أحمد المرابط عنت بالشق التاريخي وهي تتطرق لمعارك شهدها الريف ضدّ الكولونياليّين الإسبان، منها معركتا “ادهار أوبران” و “إغريبن” إلى جوار ملحمة “أنوال” الجهاديّة.. معتبرا تجنّب المقاومين الدّخول لثغر مليليّة “خطأ استراتيجيّا كانت له انعكاسات سلبيّة على المقاومة بالريف”.
أما الحقوقي عبد الوهاب التدموري فقد قال إنّ “السلطة المخزنية تورطت إلى جانب القوى الاستعمارية، خاصة إسبانيا، في حرب الغازات السامة بالريف”.. معتبرا أنّ المقاربات المختلفة المحاولة معالجة هذا الملف “تتأرجح بين ما هو رسمي مرتبط بمقاربة الدولة والجمعيات المتبنية لطروحاتها، وهي المحاولة لعب دبلوماسية موازية قائمة على قراءة تاريخية نمطية تحرّف الذاكرة الجماعية للريف..”، حيث طالب التدموري باعتماد “مقاربة شاملة قائمة على المطالب التاريخية لشمال المغرب وإعمال المبادئ المؤسسة للعدالة الانتقالية في كشف الحقيقة كاملة مع اعتذار المغرب وإسبانيا عن ماضي انتهاكاتهما الجسيمة وجبرهما فعلا للمضار الجماعية”
وأضاف عبد الوهاب التدموري أن ساكنة الريف الكبير ينبغي أن تمكّن من “حقّها التاريخيّ في تسيير شؤونها ضمن دولة الأُوطُونُومْيَات”، عادّا ذلك “شرطا أساسيّا لمصالحة حقيقيّة بين الدولة والرّيفيّين ومدخلا رئيسا لانتقال ديمقراطي فعلي بالمغرب”.
“الاحتفال المرتقب بالذكرى الـ50 لرحيل الأمير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي ستشكل فرزا بين النخب الريفية المتمثلة لمقاربة الدبلوماسية الموازية، من جهة، و بين المؤيدين لمقاربة ديمقراطية وحقوقية غير متأثرة بالأزمات المتوالية بين الرباط ومدريد..” يردف ذات المتدخّل قبل أن يسترسل: “الدولة المغربية، وبعض نخبها الريفية، تسعى جاهدة إلى حسم سريع لقضايا الذاكرة بالريف الكبير.. وهم المتهافتون على استرجاع رفاة الأمير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي كأنّ جميع قضايا الذاكرة ذات الصلة بالانتهاكات الجسيمة بالريف قد سويت ولم يتبقى منها سوى عودة الرفاة، ولو على حساب ما طرحه الرجل قبل وفاته لقاءً لعودته من منفاه الاختياري.. لقد سبق للخطابي وأن طالب بالحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة و التحرير الشامل لكل اجزاء الوطن..”.
مداخلة الحسن أسويق، والتي همّت الذاكرة الريفية وعلاقتها بالحرب التحررية من منظور فلسفي، شهدت تقديمه تذكيرا كرونولوجيّا لاستعمالات الذاكرة، كما عرج على استعمالات الذاكرة في طمس الدول لما تحتفظ به الشعوب.. معتبرا أنّ ذلك “فعّل من طرف الدولة المغربية بعدم اعترافها بذكرى معركة أنوال وغيرها من المحطات المرتبطة بالذاكرة الشعبيّة.. وطمس الرموز التاريخية التي تتعارض مع الرموز الرسمية للدولة”.
أمّا مصطفى بنشريف فقد قال أنّ طبيعة الحرب الكيماوية ضد الريف “جريمة دولية وانتهاك للمواثيق الدولية السائدة آنذاك..”، معتبرا أنّ الحاجة اليوم هي لـ “نقاش عليمي يكشف الحقيقة عوضا عن الجدالات السياسيّة والأيديولوجيّة”.. واسترسل بنشريف: “الوثائق الرسمية الفرنسية، وهي الموجودة في قصر فيرساي، تشير إلى خوض باريس للحرب ضدّ الريف.. وأنّ إسبانيا انطلقت من مليليّة للاستيلاء على ميناء الحسيمة وبعض المناطق فقط.. كما أنّ الدولة المغربية عقدت اتفاقات مع هذين البلدية لقصف الريف بحضور مرتزقة أمريكيّين”.
وأورد القانوني مصطفى بنشريف، ضمن ذات المداخلة الواردة بثاني ندوات مركز النكور، أنّ الريفيّين يتوفرون على حق اللجوء للمحاكم الدوليّة حال إعدادهم ملفا متكاملا عن الموضوع.. موردا أنّ المعطى المسجّل يقترن بـ “جريمة حرب استعمل ضمنها السلاح الكيماوي بشكل أفرز أمراضا سرطانيا وأضر بالأغطية النباتية لمنطقة الريف”.