هل يحقق عادل الدويري حلم أبيه في قيادة “الاستقلال”؟
شباط عنوان “صراع فاسي” خفي بـ “غطاء عروبي”
يبدو أن مؤتمري حزب الاستقلال، حسب الأخبار الواردة من، المؤتمر السادس عشر بالرباط، إلى حدود وقت متأخر من ليلة / صباح الأحد، لن ينتخبوا الأمين العام الجديد، الذي سيؤجل إلى وقت لاحق، خارج موعد المؤتمر، في غضون الأسابيع القادمة بسبب الوضع المتوثر بين المترشحين.
فقد دخل الاستقلاليون، أول أمس الجمعة مؤتمرهم العام السادس عشر في حالة من عدم التوافق التام عن الإسم المرشح لمنصب الأمين العام، بعد تمسك كل من حميد شباط وعبد الواحد الفاسي، برغبتهما في الترشح لقيادة الحزب. وهو الوضع الذي يرجع بالذاكرة إلى المؤتمر الثالث عشر لحزب الاستقلال، حينما احتد الصراع بين عباس الفاسي، والقيادي امحمد الدويري، على منصب الأمانة العامة.
يبدو أن حميد شباط، القيادي الاستقلالي الأبرز في تحديد معالم الأمانة العامة لـ “الاستقلال” في مؤتمره الجاري حاليا بالنظر إلى ثقل الرجل على المستوى التنظيمي، اعتبارا لمسؤوليته كاتبا عاما للذراع النقابي للحزب “الاتحاد العام للشغالين بالمغرب”، وكذاعلاقته الوطيدة مع عدد من قيادة “الشبيبة الاستقلالية”، التي لاتخفي تحالفها مع شباط في السر والعلن.
خلال ليلة الجمعة/ السبت، الماضية، كانت ملامح الطريق نحو الأمانة، قد أخذت ترتسم مع أشغال لجنة القوانين والأنظمة، (التي تغري بالإنزال في جمع مؤتمرات الأحزاب)، حيث تمكن مناصرو شباط من إقرار بند يحدد الترشح إلى الأمانة العامة بشرط العضوية الكاملة في اللجنة التنفيذية للحزب لآخر ولاية لها قبل انعقاد المؤتمر، وهو الأمر الذي قطع الطريق على محمد الوفا (صهر الزعيم علال الفاسي) الذي غادر أشغال المؤتمر صباح السبت، على اعتبار أن الرجل كان يرى في نفسه مخرجا للتنافس المحتدم بين حميد شباط، وعبد الواحد الفاسي.
الملفت للنظر أن لجنة القوانين التي أبقت على السن المتعلق بالكوطا المخصصة للشباب في هياكل الحزب، والمحدد في 40 سنة كما هو منصوص عليه منذ المؤتمر الماضي، أكدت على ضرورة التنصيص على الاستفادة من الكوطا مرة واحدة سواء بالنسبة للشباب أو النساء، وهو ما سيمهد الطريق لوجوه شابة جديدة، ستدعم لا محالة جناح شباط (مونية غلام، عبد الرحمان قنديلة) إضافة إلى أسماء أخرى لن تستفيد من كوطة الشباب بعدما نالت نصيبا منها في المؤتمر الخامس عشر، لكنها من المنتظر أن تضمن مقعدا في تشكيلة اللجنة التنفيذية المرتقبة، ضمنها تلك التي اكتسبت مراسا ومناصرة داخل اللجنة التنفيذية، كالقيادي الشاب عادل بن حمزة الذي يعد أحد “الصقور” البارزين ضمن جناح شباط في اللجنة التنفيذية المنتهية ولايتها.
كل السناريوهات المتعلقة بالأمين العام الجديد، تعطي الانطباع بإفراز إسم ضمن حلف حميد شباط، وقد يكون ترشح الأخير للأمانة العامة وبقوة، مجرد تكتيك مدروس لطرد كل منافسيه من آل الفاسي، لفسح المجال لعادل الدويري (وزير الساحة الأسبق) ابن حليفه في مجلس الرآسة امحمد الدويري، فالأخير، الذي يرأس جهة فاس بولمان، (حيث يتربع شباط على عموديته بالعاصمة العلمية هناك)، لن ينسى طموحه القديم في قيادة الحزب، الذي ضاع منه في فبراير 1998 خلال المؤتمر الثالث عشر، حينما حرمه تحالف عائلة الفاسي من الأمانة العامة، التي آلت حينها لعباس الفاسي العائد لتوه من تونس سفيرا، بعد غياب طويل عن الحزب.
تفيد العديد من المؤشرات بانتصار امحمد الدويري لمشروعه القديم على يد نجله عادل، فتحركات الأخير كانت غير خفية في السنوات الأخيرة، منذ أن راج اسمه بعد الانتخابات التشريعية 2007 كمرشح لتولي منصب الوزير الأول، ثم دينامية الرجل في إعداد البرنامج العام للحزب على المستوى الاقتصادي، قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة لـ 25 نونبر الماضي، بالإضافة إلى العلاقات التي تربطه بعدد من الاستقلاليين، من رجال الأعمال النافذين الذين يتوفرون على قاعدة شعبية من المؤتمرين الاستقلاليين، قد تكون سندا له في محطة تنظيمية هامة مثل المؤتمر العام، بل إن هذا القيادي الشاب استطاع أن يوطد علاقاته حتى مع استقلاليين من مغاربة العالم، ولعل محاضرته حول وضعية الاقتصاد المغربي التي برمجت في الـ 23 من شهر يونيو الماضي بأحد الفنادق بالعاصمة الفرنسية باريس، بمبادرة من مناضلين استقلالين، كانت ضمن أبرز تحركاته بالخارج، وهي المحطة التعبوية التي حضرها كما كان مبرمجا، قياديين من اللجنة المركزية للحزب، هما: علال مهنين، وعبد الرفيع غلاب، الذين كانا قادمين في طريقهما من إيطاليا بعد إشرفهما في الـ 20 من يونيو المنصرم على تأسيس فرع للحزب بإيطاليا، الذي سيتحمل مسؤليته، المهاجر خالد مفيدي، ابن مدينة صفرو، التي يرأس مجلسها البلدي عبد اللطيف معزوز، الوزير المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، والمقرب لحميد شباط، الذي كان دائما وراء الدفاع عن استوزاره، منذ توليه لحقيبة وزارة التجارة الخارجية في الحكومة السابقة لعباس الفاسي.
كل المؤشرات القبلية على مستوى التحركات الخاصة رآسة المؤتمرات المحلية التي أفرزت المؤتمرين، طغى عليها الحضور القوي لبصمات دائرة شباط، خصوصا المؤتمرات التي ترأسها قياديون من الشبيبة الاستقلالية، أو “الاتحاد العام للشعالين بالمغرب” بحسب مصادر مقربة، وهو الأمر الذي جعل الرجل واثقا من نفسه حينما ركب تحدي آل الفاسي، ويدفع ابن الزعيم إلى التراجع عن الترشح للأمانة العامة، بل إن رجلا محنكا، وخبر دروب التنظيم، مثل سعد العلمي، صهر الزعيم علال الفاسي، ما كان ليتوارى عن رآسة أشغال المؤتمر لولا درايته بقوة شباط في مواجهة آل الفاسي.
شباط بإمكانه أن يقدم هدية لمحمد الدويري، بتقلد الإبن عادل منصب الأمانة العامة، أو على الأقل منصب رآسة المجلس الوطني للحزب كأضعف إيمان، وفي كل الأحوال فإن امحمد الدويري الذي له وقع وازن بالحزب، وكذا إعلامه (بعد دفاعه أخيرا عن تنصيب عمر الدركولي رئيسا لتحرير جريدة العلم)، سيكون قد أخذ الثأر لنفسه من مؤتمر 1998 لينتصر في معركته على آل الفاسي، الذين ينحدرون في ذات الآن من فاس، مدينته الأصل، التي يسيرها شباط إبن تازة، الذي يصفه بعض الاستقلالين “زعيم العروبيين”، وإن صح هذا القول فإن المعركة تبقى مجرد “صراع فاسي” خفي بـ “غطاء عروبي”.