باحثان: الملكية والحلفاء ولوبي الفساد.. تحديات أمام العدالة والتنمية
بسط كل من خالد رحموني، عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، والدكتور أبو العراب عبد النبي، أستاذ باحث، ورقة سياسية مطولة حاولا من خلالها مناقشة رهانات المؤتمر الوطني السابع للحزب الذي من المُزمع تنظيمه خلال شهر يوليوز الجاري، وملامسة السياقات الرئيسة التي ينعقد فيها المؤتمر، مع تحديد أبرز مهام المرحلة التي يشهدها الحزب الذي يقود الحكومة الحالية التي وُلدت في خضم اندلاع ثورات عربية عصفت بأنظمة سياسية متجذرة، كما فرضت على أنظمة أخرى أن تبادر إلى الإصلاح السياسي.
ولفتت الورقة، التي صدرت أياما قُبيل تنظيم المؤتمر الوطني 7 للعدالة والتنمية إلى تحول في موقع حزب العدالة والتنمية في زمن قياسي حيث كان يلعب أدوار المُستبعد من دائرة الفعل السياسي المؤثر على مستوى بنيات الدولة، إلى النهوض للقيام بأدوار بديلة مكنته من الريادة السياسية والقيادة الحكومية على مستوى الفعل السياسي الوطني”.
الملكية مهيمنة..
واعتبر أبو العراب ورحموني أن أهم خصائص المرحلة الراهنة تتمثل في تواجد الحزب أمام “نسق سياسي متعدد الأطراف والفاعلين، يتجه بحذر لمزيد من الانفتاح السياسي، وتتناقض داخله أهداف تلك القوى ومصالحها ومواقعها ورهاناتها، وزادا بأن كل طرف يحاول من داخل هذه العملية أن يتحكم في أطراف اللعبة، ويسخرها لأجندته وأهدافه المعلنة والخفية”.
وسردت الورقة السياسية أهم هذه الأطراف القوية، بدء من المؤسسة الملكية التي “على الرغم من أن الدستور الجديد يشير إلى أن نظام الحكم بالمغرب ملكية برلمانية، إلا أنه نظام أقرب إلى ملكية رئاسية تنفيذية متدخلة ومهيمنة بشكل ناعم ومتخفي على منافذ السلطة والثروة”، وفق تعبير الباحثين معا.
وثاني تلك الأطراف، بحسب أصحاب الورقة، الهيكل الإداري والمؤسساتي للدولة الذي يتسم بطبقات سميكة من الأنماط البيروقراطية والاستبدادية والنخب الريعية الفاسدة، والتي تنبع جذورها من الثقافة السياسية الأبوية المبنية على نظام للطاعة والولاء، وهي ثقافة مخزنية عتيقة”، بحسب تعبير الورقة السياسية التي تحلل سياقات تنظيم مؤتمر الحزب.
الحلفاء غير “إصلاحيين”
وثالثة الجهات، التي تسعى للتحكم في أطراف اللعبة السياسية الراهنة، تتجسد في “الحلفاء على مستوى التدبير الحكومي”، حيث وجد الحزب نفسه مجبرا على العمل من داخل تحالف حكومي يفتقر إلى المرجعية الفكرية المنسجمة من جهة، وهي غير مطلوبة كمعيار للتحالف السياسي، وإلى الانسجام السياسي على مستوى التقدير السياسي للمرحلة.
وانتقد أصحاب الورقة أحزاب التحالف الحكومي القائم لكونها لا تتقاسم نفس الأجندات ولا ذات الهموم، سواء تلك المتعلقة بالإصلاحات السياسية الضرورية لإنجاز مهام الانتقال الديمقراطي ، أو تلك التي لها ارتباط بالإستراتيجية السياسية ومخطط الاصلاح والنهوض بالبلد”.
واسترسلوا موضحين بأن “بعض أطراف هذا التحالف الحكومي لا يمكن لها ـ ولا تستطيع ـ أن تتبنى كاملا مشروع الحزب في محاربة الفساد، باعتبار بعضها كانت شريكة لذات النخب المقعدة له، أو حتى متورطة في بعض حلقاته، واعتبارها أيضا طرفا مباشرا فيه”.
ولم يفت مدبجو الورقة ذاتها الإشارة إلى من سموها “لوبيات الفساد”؛ كخلايا للحزب السري أو مركز مناهضة التغيير، حيث إن الريع تشكل تاريخيا كنظام للحكم في المغرب، ونمطا في تدبير الشأن العام، سخره النظام السياسي المبني على النسق التقليدي المخزني لتدبير حركته في جميع المجالات، وإقرار الاعتماد المتبادل مع النخب الداعمة له، ولاستمراره واستقراره المغشوش والهش”.
خيارات الحزب في النجاح
واستنتج أبو العراب ورحموني إلى أنه يلزم حزب العدالة والتنمية أن يبقي الارتباط الدائم والاتصال المستمر والتجدر بعمق داخل الشعب المغربي، وركزا على أنه ينبغي على الحزب أن يترجم هذه الهوية وهذا الارتباط بخط سياسي يزاوج بين الحضور الشعبي والإنجاز الإصلاحي من داخل التدبير الحكومي.
وسجلت الورقة بأنه يجدر بالحزب الانحياز للمجتمع، وذلك بحسن الاختيار بين خطين وأسلوبين في النضال الحزبي؛ بين التدبير المحكم والاحترافي للإصلاح، والتقعيد لهيكلة تنظيمية صلبة ومتينة وفعالة.
فالخيار الأول، وفق أصحاب الورقة، هو الأقرب إلى المنهج الذي تأسست عليه البنية التنظيمية لحزب للعدالة والتنمية، حيث تغلب فيه المقاربة الشخصية في التدبير الحزبي، من خلال مركزة قوية للقرار في مؤسسة الأمين العام مدعوما من الأمانة العامة.
أما الخيار الثاني، تردف الورقة، فهو يدفع في اتجاه الانتصار لمنهجية القيادة الجماعية التشاركية في التدبير السياسي ودمقرطة القرار الحزبي، من خلال بناء نظام مبني على توزيع متوازن للسلط، والفصل المرن بينها يبقي على مدى معتبر من الاعتماد المتبادل بينها، مع الحفاظ على تكاملها وتوازنها.