أغلب سجينات المغرب متزوجات.. والشهادات صادمة
كشف تقرير صدر مؤخراً عن لجنة العدل والتشريع في مجلس النواب أن 38% من السجينات في المغرب متزوجات، بينما 29% منهن عازبات، و27% مطلقات، و6% أرامل. كما تبين في الدراسة أن 62% من السجينات لم يدرسن قط أو انقطعن عن الدراسة ويعانين من عجز مادي لعدم توفرهن على أنشطة مُدرة للدخل.
ورسم التقرير نفسه صورة قاتمة عن السجون بالمغرب حيث سلط الضوء على العديد من مكامن الخلل في السجون، من قبيل الاكتظاظ وسهولة انتشار الأمراض المعدية، والممارسات الجنسية الشاذة بين الرجال والنساء على السواء، فضلا عن انتشار بعض أنواع التجارة غير المشروعة داخل السجون.
جولة برلمانية في السجون
وكانت لجنة برلمانية قد قامت منذ بضعة أسابيع بزيارة لسجن “عكاشة” بالدار البيضاء، ليخلص النواب إلى صياغة تقرير كشفوا فيه أبرز ما سجلوه في زيارتهم من خلال شهادات وُصفت بالصادمة لعدد من السجناء، قبل أن يطالب التقرير الاستطلاعي بأن تخضع السجون للرقابة الحكومية المطلقة.
وسجل التقرير ارتفاع نسبة السجينات اللواتي دخلن السجون وهن متزوجات، معزيا ذلك إلى انتشار حالات الخلاف والنزاع مع الزوج أو مع أحد أفراد الأسرة، حيث تُفضي العديد من الخصومات إلى حدوث جُنح أو جرائم ترتكبها المرأة المتزوجة، فيكون مصيرها السجن.
وأرجع التقرير الاستطلاعي أيضا ارتفاع نسبة السجينات المطلقات ـ27% ـ إلى الظروف الاجتماعية العسيرة التي تعيشها المرأة المطلقة خاصة إذا لم تجد مُعيلا لها، ولم تستطع توفير مورد رزق خاص بها، فتتورط في أعمال منافية للقانون تؤدي بها إلى السجن.
السجن مجتمع مصغر له قوانينه
ومن جهتها فسرت الباحثة السوسيولوجية ابتسام العوفير، في تصريحات لـ”العربية.نت”، تنامي عدد العازبات في تشكيل الفئة الأسرية للسجينات بالمغرب ـ 29% ـ إلى عوامل اجتماعية وأخلاقية من قبيل جرائم الفساد أو الإجهاض، والنزاع مع الصديق أو العشيق، أو بسبب استهلاك المخدرات أو المتاجرة فيها طمعا في جني المال السريع.
ولفتت العوفير إلى أن السجن يعد مجتمعا مُصغَّرا تلتقي فيه المتزوجة والمطلقة والأرملة والعازبة، وتحكمه قوانين رسمية وأخرى يفرضها واقع الزنازين بكل فوضويته وسوداويته.
وأضافت أن النساء السجينات ينقسمن إلى قسمين، قسم يأخذ العبرة من فترة السجن خاصة المتزوجات ومن لديهن أبناء، ويقرر عدم العودة إلى أسوار الزنازين، فيما يجد قسم آخر من السجينات “متعته وضالته” في المكوث في السجون لبعض “المزايا” التي يحصل عليها هناك، فيسارعن إلى ارتكاب مخالفات معينة للعودة إلى السجون، حسب قولها.
انتشار للأوبئة والمخدرات والشذوذ
ولم يكتف تقرير اللجنة البرلمانية التي زارت بعض سجون المغرب بسرد إحصائيات تهم الوضعية الاجتماعية للسجينات، بل أيضا دقَّ ناقوس الخطر إزاء استمرار حدوث بعض المخالفات الفادحة التي سجلها النواب البرلمانيون أثناء زيارتهم للسجن.
وأشار التقرير إلى الاكتظاظ الحاد الذي تعرفه الزنزانات حيث إنها تضم أحيانا كثيرة ضعف العدد الذي تحتمله طاقتها الاستيعابية، الشيء الذي يدفع السجناء إلى افتراش الأرض والنوم تحت الأَسِرّة وفوق الرفوف، فضلا عن عدم مراعاة شروط سلامة السجناء بخصوص التهوية المناسبة.
وسجل التقرير أيضا سهولة انتشار الأمراض المعدية في السجون، وعدم توفير الظروف الصحية المواتية للسجناء، من قبيل قلة الأطباء في المؤسسات السجنية، والغياب شبه الكامل للمتابعة النفسية والاجتماعية، خاصة أن العديد من السجناء يعانون من مشاكل ومصاعب نفسية قد تدفعهم إلى اللجوء إلى الانتحار.
ولفت المصدر ذاته إلى أن الفراغ وغياب الإرشاد، والاقتصار فقط على الأكل والنوم، علاوة على الحرمان من الخلوة الشرعية، عوامل حاسمة تؤجج الرغبة الجنسية داخل جناح السجينات والسجناء معا، حيث اعتبر التقرير أن “ممارسات السحاق واللواط عملة مقايضة يمارسها الأقوياء على الضعفاء في السجون”، وفق تعبير التقرير.
وأخيراً أشار التقرير الى منطق القوة السائد في السجون حيث يسيطر القوي على الضعيف إما عبر الجسد أو دفع المال والرشوة، كما نبَّه إلى واقع تناول المخدرات والترويج لبيعها داخل بعض السجون، بالرغم من المراقبة اليومية التي تقوم بها الإدارة.